الاحرام للَّه تعالي











الاحرام للَّه تعالي[1]



.

وقد تحرَّک الموکب النبوي من المدينة نحو مسجد الشجرة ليبدؤوا إحرامهم هناک..وکان أهل بيت النبوة جميعاً بصحبة النبي صلي الله عليه و آله في هذا السفر المهيب: فاطمة الزهراء والحسن والحسين وسائر الذرية الطاهرة عليهم السلام، وکذلک نساء النبي رکبن المحامل تحملها الإبل في تلک القافلة الجماهيرية.

ولم يطل نزولهم في «مسجد الشجرة»، فقد أحرموا للحج من هناک وأعلنوا تلبية ربهم. ثم واصلت المسيرة انطلاقتها باتجاه مکة في موکب مهيب في مسيرة عشرة أيام، في قافلة عظيمة تشمل الرکبان والمشاة.

ساروا طوال الليل إلي الفجر ملبين ذاکرين اللَّه تعالي إلي فجر يوم الأحد، حيث توقفوا في الطريق ومکثوا إلي المساء.

وبعد أداء صلاة المغرب والعشاء واصلوا مسيرتهم حتي وصلوا صباح الغد إلي «عرق الظبية». ثم واصلوا السير حتي توقفوا فترة قليلة في «الروحاء»، وتحرکوا منها إلي «المنصرف» حيث نزلوا فيها لأداء صلاة العصر. ثم نزلوا في «المتعشي»فأدَّوا صلاة المغرب وتناولوا طعام العشاء هناک. ثم واصلوا السير إلي «الأثاية» فأدَّوا صلاة الصبح. وفي صباح يوم الثلثاء وصلوا إلي منطقة «العرج»؛ وفي يوم الأربعاء وصلوا إلي «السقيا».

وفي يوم الخميس وصلت القافلة النبوية إلي «الأبواء» وهو المکان الذي توفيت فيه «آمنة» أم النبي صلي الله عليه و آله، فقام بزيارة مرقدها الطاهر.

[صفحه 15]

وفي يوم الجمعة واصلوا سيرهم فمرّوا علي منطقة «غدير خم» و«الجحفة». ثم ساروا إلي منطقة «القُديد» فنزلوا هناک واستراحوا إلي يوم السبت. ثم رحلوا منها ووصلوا إلي «عُسفان» يوم الأحد. ثم ساروا حتي وصلوا يوم الإثنين إلي «مرّ الظهران» وبقوا هناک إلي الليل.

وفي أثناء الطريق شکا المشاة إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله صعوبة الطريق ومشقة السفر، وطلبوا منه أن يحملهم علي الإبل. وبما أن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لم يکن لديه ما يحملهم عليه فقد أوصاهم بأن يشدوا أرجلهم بما تيسر لهم، ويواصلوا سيرهم هرولةً عسي أن يخفف ذلک عنهم.

ثم توجَّهوا ليلاً فوصلوا إلي «سَيرَف» آخر منزل قرب مکة المکرمة. ثم ساروا حتي دخلوا مکة يوم الثلاثاء الخامس من ذي الحجة. فقطعوا تلک المسافة في عشرة أيام، وأناخ أول موکب مهيب للحج بمکة تحف به آيات الجلال والعظمة، بما لم يسبق له مثيل، وبما يقصر الوصف عن بيانه.


صفحه 15.








  1. الغدير: ج 1 ص 9 و 10. بحار الأنوار: ج 21 ص 360 و 383 و 384 و 390، و ج 38 ص 95. و ج 38 ص 201. عوالم العلوم: ج 15:3 ص 167 و 297.