رحلة الوداع











رحلة الوداع[1]



.

في السنة العاشرة للهجرة أعلن النبي الأکرم صلي الله عليه و آله بشکل رسمي لأول مرة النفير العام للحج، وأن يحضر جميع الناس في تلک المراسم مهما استطاعوا، وسُمِّيت هذه السفرة باسم «حجة الوداع».

وکانت سفرة نبوية عظيمة، اقترنت بذکريات عميقة عن سيرة النبي صلي الله عليه و آله وتبليغه رسالة ربه، وترسَّخت في وعي المسلمين ومصادر حديثهم وتاريخهم.

وکان الهدف النبوي من هذه السفرة بيان رکنين من أرکان الإسلام ليتمَّ بهما تبليغ الإسلام: أحدهما الحج، والآخر الخلافة والولاية علي الأمة بعده.

[صفحه 13]

بعث النبي صلي الله عليه و آله رسله ومبعوثيه إلي محلات المدينة وما حولها، وإلي قبائل العرب يخبرهم بعزمه علي السفر للحج ويأمرهم أن يوافوه إلي مکة للحج معه.

وقد استجاب جمع غفير من المسلمين وجاؤوا من کل المناطق زرافات ووحداناً؛ منهم إلي المدينة ومنهم إلي مکة رأساً، لوداع نبيهم والمشارکة في أداء فريضة الحج المقدسة.

تحرَّک الموکب النبوي من المدينة يوم السبت الخامس والعشرين من ذي القعدة متَّجهاً إلي مکة. وکان عدد الحجاج يزداد في الطريق بين المدينة ومکة بانضمام وفود القبائل من المناطق القريبة والنائية من الجزيرة واليمن، ليروا النبي صلي الله عليه و آله ويتحجوا معه ويودِّعوه قبل رحيله إلي ربه.

لقد أعلن النبي صلي الله عليه و آله مرات عديدة أن هذا العام هو العام الأخير من عمره الشريف وهذا بحد ذاته يثير الرغبة لدي المسلمين للاشتراک في هذه الرحلة التاريخية. وقد کان عدد المشارکين في مراسيم الحج في هذه الواقعة ما يقارب من مائة وعشرين ألف حاجٍ، وقد حضر من المدينة وما حولها سبعون ألف حاجٍ تشرفوا بصحبة النبي صلي الله عليه و آله ومشوا في قافلته متَّجهين إلي مکة، هاتفين طول الطريق بالتلبية والتکبير.

[صفحه 14]


صفحه 13، 14.








  1. عوالم العلوم: ج 15:3 ص 167 و 297. الغدير: ج 1 ص 9 و 10. بحارالأنوار: ج 21 ص 360 و 383 و 384 و 390، ج 28 ص 95، ج 37 ص 201.