المعجزة الإلهية في الغدير











المعجزة الإلهية في الغدير[1]



.

إن ما جري في الغدير من بيان للناس يعتبر أکبر خطاب إلهي في الإسلام، وهو إبلاغ أمر ولاية أهل البيت عليهم السلام. وفي موارد کثيرة نلاحظ أن اللَّه تعالي ومن أجل إتمام الحجة علي الناس يظهر المعجزات علي يد النبي صلي الله عليه و آله لکي تطمئن القلوب أکثر.

وفي الغدير أجري اللَّه معجزة علي يد رسوله الکريم لتکون إمضاء إلهياً لولاية علي بن أبي طالب عليه السلام. ففي اليوم الثالث من الغدير جاء رجل اسمه الحارث الفهري مع اثني عشر رجلاً من أصحابه إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقال: يا محمد، أمرتنا عن اللَّه أن نشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنک رسول اللَّه فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلناه، وأمرتنا بالحج فقبلناه، ثم لم ترض بذلک حتي رفعت بضبع ابن عمک ففضَّلته علينا وقلت: «من کنت مولاه فعلي مولاه». أهذا شي من عندک أم من اللَّه؟ فقال صلي الله عليه و آله: واللَّه الذي لا إله إلا هو، إن هذا من اللَّه.

فولَّي الحارث يريد راحلته وهو يقول: «اللهم ان کان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم».[2] فما وصل إليها حتي رماه اللَّه بحجر؛ فسقط علي هامته وخرج من

[صفحه 45]

دبره فقتله؛ وأنزل اللَّه تعالي: «سأل سائل بعذاب واقع».[3] فالتفت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي أصحابه وقال: رأيتم؟ قالوا: نعم. قال: وسمعتم؟ قالوا: نعم.

قال: طوبي لمن تولاه والويل لمن عاداه. کأني أنظر إلي علي وشيعته يوم القيامة يزفُّون علي نوق من رياض الجنة، شباب متوَّجون مکحَّلون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. قد أُيِّدوا برضوان من اللَّه أکبر، ذلک هو الفوز العظيم. حتي سکنوا حظيرة القدس من جوار رب العالمين، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذُّ الأعين وهم فيها خالدون. ويقول لهم الملائکة: «سلامٌ عليکم بما صبرتم فنعم عقبي الدار».[4] وبهذه المعجزة ثبت للجميع أن أمر الغدير صادر من منبع الوحي، وأنه أمر من اللَّه عزوجل.

کما اتضح الحق لجميع المنافقين الذين کانوا يفکرون مثل تفکير الحارث ويتصورون أنهم مؤمنون باللَّه ورسوله، ولکنهم مع ذلک کانوا يقولون بصراحة: نحن لانطيق ولايته علينا!

فکان هذا الجواب الإلهي الفوري والقاطع قد أثبت أن کل من لايقبل ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فإنه منکر لکلام اللَّه وکلام رسوله الأعظم صلي الله عليه و آله.

[صفحه 46]


صفحه 45، 46.








  1. بحارالأنوار: ج 37 ص 136 و 162 و 167.عوالم العلوم: ج 3:15 ص 56 و 57 و 129 و 144. الغدير: ج 1 ص 193.
  2. ولقد حکي اللَّه تعالي قوله في الآية 32 من سورة الأنفال حيث يقول: «وإذ قالوا اللهم إن کان هذا هو الحق من عندک فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب عليم».
  3. سورة المعارج: الآيات 3-1.
  4. سورة الرعد: الآية 24.